907543
907543
روضة الصائم

لقاء متجدد : تعظيم القرآن «5»

25 مايو 2018
25 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

كم رأينا تاليا يتلو القرآن في المسجد لا يبالي أن يقطع تلاوته ليتحدث إلى من حوله بما شاء من حديث الدنيا، وقد لا يخلو حديثه أحيانا من ضحك أو قهقهة، ثم يعود إلى التلاوة حتى يعرض له حديث آخر!!. وعندما يدخل على قارئ القرآن داخل ممن يرى له تعظيما وقدرا لا يبالي أن يقطع قراءته ويقوم إجلالا لهذا الداخل، وينسجم معه في الحديث، ولا يبالي بما لكلام الله تعالى من حق وحرمة تجب مراعاتهما، وماذا عسى أن يكون حق هذا الداخل حتى تقطع من أجله قراءة القرآن، ويقوم القارئ والمصحف في يديه؟! مع أنه لو دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على من يقرأ القرآن لما رضي منه أن يقطع من أجل دخوله تلاوته، وأن يقوم له، ويشتغل بدخوله عليه عما كان مقبلا عليه من كلام الله تعالى، فكيف بسائر الناس؟!.

وهذه الغفلة عن حرمات القرآن وحقوقه هي التي أقصت الناس عن تدبره كأنما قلوبهم غلف عن ذلك، فلم ينتبهوا لأوامره وزواجره ووعده ووعيده ووعظه وأمثاله، مع أن تدبره هو الطريق الأوحد للوصول إلى حقائق معانيه ودقائق مراميه، وقد نعى الله تعالى على الذين لا يتدبرونه بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) محمد: ٢٤، وقد قست بسبب ذلك القلوب وتحجرت حتى لم تعد تتأثر بالقرآن وإن تكررت تلاوته، مع أنه لو خوطبت به الجبال الشم كما خوطبوا لتدكدكت، ولو خوطبت به البحار الزاخرة لتبخرت، (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر: ٢١.

كلمة إلى المؤسسات العلمية:

وأخيرا وليس آخرا، إن على جميع المؤسسات العلمية من رياض الأطفال وكتاتيب القرآن إلى مؤسسات الدراسات العليا أن تربي الناشئة على تعظيم القرآن، وتوقير العلم، ورعاية حرماتهما لتشرق على قلوبهم أنوار القرآن، وتستبصر بصائرهم به، وتغمرهم بركات العلم، وتقوى في نفوسهم داعية العمل به، فبهذا تتأهل الناشئة لحمل أمانة الله تعالى وتبليغها إلى من بعدها، وتقوى على مراعاة حرمات الله تعالى، وحرمات ما أنزل من الحق، وما شرع من الدين، والله. ولي التوفيق.